الرئيسية

القس رضا عدلييتحدث البشير متى عن حادثة التجلي فيقول عن يسوع أنه "تغيّرت هيئته قدامهم، وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور" (متى 2:17).وفي الواقع فإن الكلمة اليونانية المترجمة هنا "تغيّرت" مركّبة من كلمتين: الأولى تقدم لنا الهيئة الخارجية التي يقدمها شخص ما كتعبير عن حقيقة طبيعته الداخلية. أما الثانية فإنها تشير إلى تغيّر في النشاط.فلقد كانت الصورة المعتادة للرب يسوع في أيام جسده هي الصورة المتضعة، صورة العبد الذي "لم يأتِ ليُخدم بل ليخدِم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 45:10).

لكن الرب يسوع في هذه المناسبة غيّر الطريقة أو الهيئة التي يقدمها كتعبير لا عن اتضاعه ووداعته، بل عن رفعته ومجده.لكن الرسول بولس يقدم لنا في 2كورنثوس 13:11-15 كلمة يونانية أخرى ليرسم بها صورة مغايرة ومختلفة تمامًا عن الصورة التي رأيناها الآن في متى 2:17. وقصد الرسول من استخدامه لهذه الكلمة أن يصوّر لنا شخصًا قد تغيّرت هيئته الخارجية، في الوقت الذي ظلّت فيه طبيعته الداخلية على ما كانت عليه، وهكذا فإن تغيّره الخارجي لم يكن تعبيرًا عن حقيقة طبيعته الداخلية. هل تعرف من هم الذين يفعلون مثل هذا؟ الشيطان ورسله الكذبة، وخدامه الماكرون، هؤلاء هم الذين يتظاهرون بهيئة خارجية لا تتمشى بأي حال من الأحوال مع حقيقة طبيعتهم الداخلية. ولعل أقرب كلمة لهذا المعنى هي [التنكر]. فالشيطان قبل أن يتنكر كان مظهره تعبيرًا عن مخبره وجوهره. ولكن، لأنه يريد أن يضلل الجنس البشري فإنه يتنكر في هيئة ملاك نور. ولأجل هذا فإنه يغير مظهره - الذي كان يعبّر عن حقيقة طبيعته الداخلية الشريرة - بمظهر أو هيئة أخرى تعطي انطباعًا معاكسًا ومختلفًا لا يتفق بأي حال مع طبيعته التي لا تزال على ما كانت عليه سابقًا وأبدًا. فهيئته تقول إنه [ملاك نورٍ]، بينما واقع حقيقته يؤكد أنه ملاك الظلمة.على أن الرسول يجمع بين ذات الكلمتين في رومية 2:12 في قوله: "ولا تشاكلوا هذا الدهر، بل تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم". فعندما يطلب الرسول من المؤمنين أن لا يكون لهم شكل أهل العالم، يستخدم الكلمة الثانية التي رأينا استخدامها في 2كورنثوس 13:11-15، لكنه يردف قائلاً: "بتجديد أذهانكم"، وهي ذات الكلمة التي استخدمها البشير في متى 2:17. ولقد قصد الرسول باستخدامه للكلمتين معًا أن يقول: إنني عندما أطلب منكم أن لا يكون لكم الشكل الخارجي لأهل هذا الدهر، لا أقصد مجرد تغيير في المظهر الخارجي دون أن يكون أساسه هو تغيير في الجوهر الداخلي، بل ليكن تغيّر شكلكم دلالة على تغيّر داخلكم، بتجديد أذهانكم. فلا يجب أن يكون مظهر المؤمن وكأنه لم يحدث أي تغيير داخلي (الكلمة المستخدمة في كورنثوس)، بل ليكن تغيّر مظهركم الخارجي هو بمثابة إعلان عن تغيّر جوهركم الذي يجب أن يتغيّر معه شكلكم الخارجي كتعبير عن طبيعتكم الجديدة التي أخذتموها بتجديد أذهانكم (الكلمة المستخدمة في متى).
أيها الخاطئ المخادع، يا من لك صورة التقوى، ولكنك منكر قوتها، يا من تتبع عدو الخير الذي اهتم بأن يغيّر مظهره، بينما داخله مملوء كل خبث وشر.استمع إلى ما قاله السيد إلى من ساروا على ذات دربك هذا:"وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا" (متى 25:23-28).أيها المؤمن، لماذا تخفي التغيير الداخلي الذي أحدثه المسيح فيك عند تجديدك؟ هذا التغيير كان يجب أن يظهر بصورة مرئية منظورة، معروفة ومقروءة من جميع الناس. ولماذا تتصرف وكأنه لم يحدث أي تغيير داخلي؟ لماذا لم يتغيّر أسلوبك وحديثك، وصداقاتك، ومظهرك؟ أين قول بولس "هوذا الكل قد صار جديدًا"؟ لقد قيل عن الفريسيين أنهم لم يعترفوا بالمسيح لئلا يصيروا خارج المجمع "لأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله" (انظر 2كورنثوس 17:5؛ يوحنا 42:12-43).عزيزي، استمع إلى وعد السيد ووعيده في قوله:"فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ". (متى 32:10-33)
أيها الآب السماوي،سامحني، فما أكثر المرات التي تدثّرت فيها برداء العالم فلم يرَ الناس حقيقة التغيير الذي أجريته داخلي.سامحني، لأنني في مرات كثيرة ظهرت للناس بهيئة أعلى بكثير من حقيقة داخلي.ساعدني لكي يكون مظهري شهادة حقيقية عن حقيقة جوهري.ساعدني لكي أنظر إليك بوجه مكشوف فأتغيّر "إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح". باسم المسيح،آمين